کد مطلب:58490 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:131
قیل: إنّه جعل للأنصار شیئاً یسیراً، وأعطی الجمهور للمتألّفین[2] . قال محمّد بن إسحاق: فأعطی أبا سفیان بن حرب مائة بعیر، ومعاویة ابنه مائة بعیر، وحكیم بن حزام من بنی أسد بن عبد العزّی بن قصی مائة بعیر، وأعطی النضیر بن الحارث بن كلدة مائة بعیر، وأعطی العلاء بن حارثة الثقفی حلیف بنی زهرة مائة بعیر، وأعطی الحارث بن هشام من بنی مخزوم مائة، وجبیر بن مطعم من بنی نوفل بن عبد مناف مائة، ومالك بن عوف النصری مائة، فهؤلاء أصحاب المائة. وقیل: إنّه أعطی علقمة بن علاثة مائة، والأقرع بن حابس مائة، وعیینة بن حصن مائة، وأعطی العبّاس بن مرداس أربعأً فتسخطها وأنشأ یقول: [صفحه 209] أتجعل نهبی ونهب العبیـ فما كان حصن ولا حابس وما كنت دون امرء منهما وقد كنتُ فی الحرب ذا تدرأ فقال له رسول الله صلّی الله علیه وآله وسلّم: «أنت القائل: أتجعل نهبی ونهب العبیـ فقال أبو بكر: بأبی أنت واُمّی لست بشاعر، قال صلّی الله علیه وآله وسلّم: «كیف قال؟» فأنشده أبو بكر، فقال رسول الله صلّی الله علیه وآله وسلّم: «یا علیّ قم فاقطع لسانه». قال عبّاس: فوالله لهذه الكلمة كانت أشدّ علیّ من یوم خثعم، فأخذ علیّ علیه السلام بیدی فانطلق بی فقلت: یا علیّ إنّك لقاطع لسانی؟ قال: «إنّی ممض فیك ما اُمرت» حتّی أدخلنی الحظائر فقال: «اعقل ما بین أربعة إلی مائة». قال: قلت: بأبی أنتم واُمی، ما أكرمكم وأحمكم وأجملكم وأعلمكم. فقال لی: «إنّ رسول الله صلّی الله علیه وآله وسلمّ أعطاك أربعاً وجعلك مع المهاجرین، فإن شئت فخذها، وإن شئت فخذ المائة وكن مع أهل المائة». قال: فقلت لعلی علیه السلام: أشر أنت علی. قال: «فإنّی آمرك أن تأخذ ما أعطاك وترضی» قال: فإنّی أفعل[3] . [صفحه 210] قال: وغضب قوم من الأنصار لذلك وظهر منهم كلام قبیح حتّی قال قائلهم: لقی الرجل أهله وبنی عمّه ونحن أصحاب كلّ كریهة، فلمّا رأی رسول الله صلّی الله علیه وآله وسلّم ما دخل علی الأنصار من ذلك أمرهم أن یقعدوا ولا یقعد معهم غیرهم، ثمّ أتاهم شبه المغضب یتبعه علی علیه السلام، حتّی جلس وسطهم، فقال: «ألم آتكم وأنتم علی شفا حفرة من النار فأنقذكم الله منها بی؟». قالوا: بلی، ولله ولرسوله المنّ والطول والفضل علینا. قال: «ألم آتكم وأنتم أعداء فألّف الله بین قلوبكم بی؟». قالوا: أجل. ثمّ قال: «ألم آتكم وأنتم قلیل فكثّركم الله ربی» وقال ما شاء الله أن یقول ثمّ سكت، ثمّ قال: «ألا تجیبونی؟». قالوا: بم نجیبك یا رسول الله، فداك أبونا واُمّنا، لك المنّ والفضل والطول. قال: «بل لو شئتم قلتم: جئتنا طریداً مكذَّبا فآویناك وصدّقناك، وجئتنا خائفاً فآمنّاك». فارتفعت أصواتهم، وقام إلیه شیوخهم فقبّلوا یدیه ورجلیه وركبتیه، ثم قالوا: رضینا عن الله وعن رسوله، وهذه أموالنا أیضاً بین یدیك فأقسمها بین قومك إن شئت. فقال: «یا معشر الأنصار، أوجدتم فی أنفسكم إذ قسّمت مالاً أتالّف به قوماً ووكلتكم إلی إیمانكم، أما ترضون أن یرجع غیركم بالشاء والنعم ورجعتم أنتم ورسول الله فی سهمكم؟». [صفحه 211] ثمّ قال صلّی الله علیه وآله وسلّم: «الأنصار كرشی وعیبتی[4] لو سلك الناس وادیاً وسلك الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار، اللهمّ اغفر للأنصار، ولأبناء الأنصار، ولأبناء أبناء الأنصار»[5] . قال: وقد كان فیما سبی اُخته بنت حلیمة، فلمّا قامت علی رأسه قالت: یا محمّد اُختك شیماء بنت حلیمة، قال: فنزع رسول الله صلّی الله علیه وآله وسلّم برده فبسطه لها فأجلسها علیه، ثمّ أكبّ علیها یسائلها، وهی التی كانت تحضنه إذ كانت اُمّها ترضعه[6] . وأدرك وفد هوازن رسول الله صلّی الله علیه وآله وسلّم بالجعرانة وقد أسلموا، فقالوا: یا رسول الله لنا أصل وعشیرة، وقد أصابنا من البلاء ما لم یخف علیك، فامنن علینا منَّ الله علیك. وقام خطیبهم زهیر بن صرد فقال: یا رسول الله، إنّا لو ملحنا الحارث بن أبی شمر أو النعمان بن المنذر، ثمّ ولی منّا مثل الذی ولیت لعاد علینا بفضله وعطفه وأنت خیر المكفولین، وإنّما فی الحظائر خالاتك وبنات [صفحه 212] خالاتك وحواضنك وبنات حواضنك اللاتی أرضعنك، ولسنا نسألك مالاً، إنّما نسألكهنّ. وقد كان رسول الله صلّی الله علیه وآله وسلّم قسّم منهنّ ما شاء الله فلمّا كلّمته أخته قال: «أمّا نصیبی ونصیب بنی عبد المطّلب فهو لك، وأمّا ما كان للمسلمین فاستشفعی بی علیهم». فلمّا صلّوا الظهر، قامت فتكلّمت وتكلّموا فوهب لها الناس أجمعون إلاّ الأقرع بن حابس، وعیینة بن حصن، فإنّهما أبیا أن یهبا وقالوا: یا رسول الله إنّ هؤلاء قوم قد أصابوا من نسائنا فنحن نصیب من نسائهم مثل ما أصابوا. فأقرع رسول الله صلّی الله علیه وآله وسلّم بینهم ثمّ قال: «اللهمّ توّه سهمیهما» فأصاب أحدهما خادماً لبنی عقیل، وأصاب الآخر خادماً لبنی نمیر، فلمّا رأیا ذلك وهبا ما منعا. قال: ولولا أنّ نساء وقعن فی القسمة لوهبهنّ لها كما وهب ما لم یقع فی القسمة ولكنهنّ وقعن فی انصباء الناس فلم یأخذ منهم إلاّ بطیبة النفس[7] . وروی: أن رسول الله صلّی الله علیه وآله وسلّم قال: «من أمسك منكم بحقّه فله بكل إنسان ستّ فرائض من أوّل فیء نصیبه، فردّوا إلی الناس نساءهم وأبناهم»[8] . قال: وكلّمته اُخته فی مالك بن عوف فقال: «إن جاءنی فهو آمن» فأتاه [صفحه 213] فردّ علیه ماله وأعطاه مائة من الإبل[9] . روی الزهری، عن أبی سلمة، عن أبی سعید الخدریّ قال: بینا نحن عند رسول الله صلّی الله علیه وآله وسلّم وهو یقسّم إذ أتاه ذو الخویصرة ـ رجلٌ من بنی تمیم ـ فقال: یا رسول الله أعدل. فقال رسول الله صلّی الله علیه وآله وسلّم: «ویلك من یعدل إن أنا لم أعدل، وقد خبت وخسرت إن أنا لم أعدل». فقال عمر بن الخطّاب: یا رسول الله ائذن لی فیه اضرب عنقه. فقال رسول الله صلّی الله علیه وآله وسلّم: «دعه فإنّ له أصحاباً یحقّر أحدكم صلاته مع صلاته وصیامه مع صیامه، یقرؤون القرآن لا یجاوز تراقیهم، یمرقون من الاِسلام كما یمرق السهم من الرمیة، ینظر إلی نصله فلا یوجد فیه شیء، ثمّ ینظر إلی رصافه[10] فلا یوجد فیه شیء، ثمّ ینظر إلی نصله نضیّه ـ وهو قدحه ـ فلا یوجد فیه شیء، ثمّ ینظر فی قُذَذه[11] فلا یوجد فیه شیء، قد سبق الفرث والدم، آتیهم رجلٌ أسود إحدی عضدیه مثل ثدی المرأة أو مثل البضعة تَدَردر[12] ، یخرجون علی خیر فرقة من الناس». قال أبو سعید: فأشهد أنّی سمعت هذا من رسول الله صلّی الله علیه وآله وسلّم، وأشهد أنّ علیّ بن أبی طالب علیه السلام قاتلهم وأنا معه، وأمر [صفحه 214] بذلك الرجل فالتمس فوجد فاُتی به حتّی نظرت إلیه علی نعت رسول الله صلّی الله علیه وآله وسلّم الذی نعت. رواه البخاریّ فی الصحیح[13] .
ثمّ رجع رسول الله صلّی الله علیه وآله وسلّم إلی الجعرانة بمن معه من الناس، وقسّم بها ما أصاب من الغنائم یوم حنین فی المؤلّفة قلوبهم من قریش ومن سائر العرب، ولم یكن فی الأنصار منها شیء قلیل ولا كثیر[1] .
ـد بین عیینة والأقرع
یفوقان مرداس فی مجمع
ومن تضع الیوم لا یرفع
فلم أعط شیئاً ولم أمنع
ـد بین الأقرع وعیینة»
صفحه 209، 210، 211، 212، 213، 214.
وقیل: أراد بالكرش الجماعة، أی جماعتی وصحابتی، ویقال: علیه كرش من الناس:أی جماعة. «النهایة 4: 163».